
تعود أنقرة بالدراما، بالحماس ذاته الذى تعود معه بالسياسة والاقتصاد والسياحة، وكان الربيع العربى هو ذروة التعبير عن الأشواق التركية فى استئناف ما انقطع مع دول الجوار العربية، فكان رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان أول من طالب حسنى مبارك صراحة بالرحيل عن السلطة، وكذلك فعل مع بشار الأسد، وبعدها اندلعت حالة من الانفتاح التركى الواسع على الدول العربية.
غير أن البداية كانت فترة الحرب فى العراق ٢٠٠٢ حيث أقدمت أنقرة على خطوة غير مسبوقة بتأسيس مجموعة جيران العراق واستضافتها ٢٠٠٢ حيث انعقد مؤتمر جيران العراقى ١٣ مرة بشكل رسمى وغير رسمى وشكل فرصة لتركيا للالتقاء باللاعبين الإقليميين والعالميين بعد انقطاع ٨٠ عاما.
وفى عام ٢٠٠٦ كان قرار أنقرة بتطوير العلاقات مع سوريا رغم الموقف الدولى الرافض لنظام بشار الأسد، إذ تم لأول مرة إلغاء تأشيرات الدخول لمواطنى الدولتين، ثم جاء عام ٢٠٠٨ الذى دشن مرحلة «تركيا القوية الجديدة» بوضوح مع العدوان الصهيونى على غزة لتبدأ فعليا مرحلة جديدة فى تطوير وتعميق العلاقات مع العرب مقابل تقليص علاقات أنقرة مع إسرائيل بعد الاعتداء على السفينة مرمرة، لتظهر صور «أردوغان» فى مظاهرات الشارع العربى كرمز للدفاع عن الكرامة العربية فى مواجهة السفالة الإسرائيلية والوضاعة التى بدا عليها الزعماء العرب النائمون فى بيت الطاعة الأمريكى ــ الإسرائيلى.
ويتحدث كل السياسيين الأتراك الذين التقيتهم ضمن وفد من الكتاب العرب فى أنقرة عن أن العربى كان الباب الواسع لإحداث تطور جديد فى العلاقات التركية العربية، حيث استبقت أنقرة الجميع بالانحياز المطلق لثورات الشعوب العربية واتخاذ موقف داعم لها حيث زار رئيس الوزراء التركى عواصم الثورات العربية، معتبرا أن تاريخا جديدا تبدأ كتابته فى العلاقات بين تركيا والعرب.
ووفق تعبير برلمانيين وسياسيين أتراك فإن تركيا تستعيد ذاكرتها التاريخية مع الربيع العربى ويقول أحدهم: «صمتنا مائة عام وكذلك أنتم لذلك كانت هناك حماسة وتدفق فى اللقاء» وحين تسأل عن الدوافع وهذا الحنين التركى الطاغى للعرب يأتيك الرد إنها حركة تركيا الجديدة وأن «علاقتنا بمصر والعرب من طرفين وليست حبا من طرف واحد».
وهى فعلا تركيا جديدة بأداء مختلف وحركة مغايرة نحو التاريخ والمستقبل فيكفى أن تعرف أن تعلم اللغة العربية فى تركيا كان جريمة وأن المواطن التركى لكى يحصل على وظيفة كان عليه أن ينكر تماما أنه يعرف اللغة العربية.. والآن هناك ما يشبه حالة اعتذار ثقافى من قبل تركيا للغة العربية تتجلى فى وكالة أنباء ناطقة بالعربية وقناة تليفزيونية ومراكز دراسات ومؤتمرات ولقاءات دورية.
ويمكنك أن تسأل ماذا تريد تركيا من مصر والعرب، غير أن السؤال الأهم والأكثر إلحاحا هو: هل يعرف المصريون والعرب ماذا يريدون من تركيا التى تصنع ما يشبه المعجزة فى التطور الديمقراطى والنمو الاقتصادى؟
وللحديث بقية....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق