أما تصويت الشرطة فلا أعرف كيف يمكن أن نختلف فيه، فالذين يقولون إن العسكريين لا ينبغى أن يصوتوا أقول لهم إن الشرطة جهاز مدنى، وليست جهازا عسكريا أصلا، وبالتالى لا أعرف ما هى حجة الذين يريدون منع ضباط وصف ضباط الشرطة من التصويت!
أما تصويت الجيش، فالبعض يرى فيه خدشا لحياد الجيش، وأنا أرى فيه العكس، أرى فى ذلك خدشا لوطنية المنتمين لهذه المؤسسة العظيمة.
إن التصويت فى الانتخابات حق من حقوق المواطنة، وهو حق لا يسقطه إلا الجرائم المخلة بالشرف، فهل تريدون أن يكون الانتماء للجيش والشرطة مثل الجرائم المخلة بالشرف؟
إن إخوتنا فى الجيش والشرطة مواطنون مصريون، وهاتان المؤسستان ليستا فوق المؤسسات الأخرى، مثلها مثل مؤسسات الصحة والتعليم والخدمات المختلفة، وحرمان هؤلاء من التصويت انتقاص من وطنيتهم.
يقول البعض: كيف يمكن أن يصوتوا وهم من سيشرف على الانتخابات، وبالتالى لا بد أن يكونوا محايدين؟
والحقيقة أن من يشرف على الانتخابات هى المفوضية العليا للانتخابات، حسب الدستور الذى أقره المصريون، وهى من المزايا القليلة فى هذا الدستور، كما أن عدم تصويتهم لا يضمن حيادهم أبدا.
إن دمج الجيش والشرطة فى حياة الناس مطلوب، وهو من أسس الحياة الديمقراطية، وعزلهم عن بقية الشعب أضراره أكبر بكثير من مميزاته، ويشهد على ذلك عشرات السنين من التخلف التى عشناها فى عهود الاستبداد.
وليس معنى ذلك أن يكون من حقهم الترشح، لأن هناك مواقع كثيرة «غير عسكرية» لا يجوز لصاحبها أن يترشح، ولكنه لا يفقد حقه فى التصويت. يقول البعض: إذا كان الأمر كذلك فمن دواعى ذلك أن يسمح بالدعاية الانتخابية فى مبانى المؤسسة العسكرية.
وهذا هذر، فتصويت ضباط وعساكر القوات المسلحة لا يعنى بالضرورة أن يصبح من حق المرشحين إقامة مؤتمرات انتخابية داخل الوحدات العسكرية!
أما الذين يقولون إن ذلك معناه أن نعطى حق الجيش انتخاب قياداته، فهو كلام أتفه من أن يرد عليه، فجميع مدرسى وزارة التربية والتعليم يصوتون، ولكنهم لا ينتخبون وزيرهم، ولا وكلاء الوزارة، ولا حتى مديرى المدارس!
إن المشكلة الحقيقية فى هذا الموضوع أننا نراه بعين الاستقطاب لا بعين الحق، فمن يريد منح ذلك الحق للضباط يتخيل أنهم سيصوتون لصالحه، ومن يريد حرمانهم يتخيل أنهم سيصوتون ضده، والحقيقة أن هؤلاء إخواننا، نحسن الظن فيهم، ونؤمن أنهم أصحاب إرادة حرة، وأن أحدا لا يملك توجيههم، وأنهم لن يكونوا كتلة واحدة مع أو ضد أحد، وأن الأيام سوف تحقق ذلك بالتدريج.
الأمر محسوم فى كل ديمقراطيات الدنيا، الجميع له حق التصويت، ولكننا ما زلنا مصممين على إعادة اختراع العجلة.
من غريب القول، أن البعض يريد حرمان الفقراء من التصويت، لأن إرادتهم يمكن أن تشترى بالزيت والسكر، والبعض يريد أن يحرم غير المتعلمين لأنهم يمكن خداعهم، والبعض يريد أن يحرم المصريين فى الخارج، وها نحن نرى من يريد أن يحرم بعض المصريين لأنهم يعملون فى مؤسسة معينة.
لا لحرمان أى مصرى من حق التصويت لأى سبب، التصويت حق من حقوق المواطنة، ولا يملك أحد أن يحرم مصريا من هذا الحق، ولو وضع ذلك فى الدستور فأنا ضده.
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين...